janna pice مديرة المنتدى
عدد الرسائل : 192 العمر : 29 البلد : maroc الوظيفة : tilmida المزاج : mzyan اعلام الدول : hg;!dt, : الهواية : تاريخ التسجيل : 20/06/2008
| موضوع: إنه قدري....بقلمي الإثنين أكتوبر 20, 2008 3:07 pm | |
| نظرت إلى الجسد المسجى أمامي ،كانت الأجهزة والأسلاك تحيط به من كل الجهات، وأصوات الأجهزة الرتيبة تسبب لي النعاس ، كان في الغرفة الكبيرة عدة مرضى آخرين حالات بعضهم ميئوس من شفائها كما يظهر ، بعضهم يصرخ وينادي بأسماء معارفه ، والبعض الآخر يذكر الله وتسمع في صوته أنين الألم ، أما الآخرون وابني من بينهم فكانوا يغطون في نوم عميق يقال له "غيبوبة". عندما أصيب ابني بزكام عادي لم يخطر ببالي أن تتطور حالته لتصبح " التهاب رئوي حاد " لم يخطر ببالي أن يغيب في غيبوبة لمدة شهر تقريبا ، يتأرجح فيها بين الحياة والموت، تقتصر حياته على جهاز يضخ له الأكسجين ويطرد ثاني أكسيد لكربون ،وأنبوب يمده بالغذاء ، ذلك الغذاء الذي لا أتصوره يمده سوى بأقل القليل ، إذ أنه خلال تلك المدة تحول إلى هيكل عظمي أقرب للموت منه للحياة . الآلام تعتصرني حين أتأمله ، الأكسجين ،نعم هو ذلك الغاز السحري ، بدونه نفقد الحياة ، يالها من حياة تافهة! والأقدار تتخبط بنا خبط عشواء ،ذلك ما كنت أفكر فيه ، ذلك ماوسوس لي به إبليس فأخرجني من جنان إيماني ، استغفرت الله ، وعدت أنظر لكل أولئك المرضى ، نهضت عن الكرسي واقتربت من أحدهم ، كان رجلا عجوزا ،أخذت أنظر إليه بشفقة ،كان التعب يظهر عليه ، لايتكلم ولا يتأتى له ذلك ولو أراد ، يتم تقليبه كل مرة على ناحية حتى لايصاب بالقروح السريرية، ياإلهي ماأضعف الإنسان وما أخزاه حين يصل لهذا العمر ،أتمنى أن أموت قريبا ، ولكن فكرة الموت أصابتني بالرعشة فابتعدت عنه بسرعة ، وعدت لابني . جاء الأطباء وقرروا أن يتم فصل جهاز التنفس الصناعي عن إبني ، أصابني الخوف والتوتر من ذلك بالرغم من التحسن الواضح في حالته كما يقول الأطباء، لقد تم تخفيض جرعات المخدر وبدأ خلال أيام في الاستفاقة من الغيبوبة، تم إخراجي من الغرفة ، فوقفت قرب الباب أحاول استراق النظر والرعب يعتصرني ولكني لم أفلح فابتعدت وقلبي يتطلع إلى السماء . بعد فترة ُسمح لي بالدخول ، فدخلت متلهفة ورأيت أن إبني يتنفس لوحده بدون الجهاز فأخذتني السعادة وطارت بي إلى الأعالي ، هكذا نحن ترفعنا الفرحة إلى أعالي الجبال ، نكاد نلامس السماء ، وعندما نشعر بحزن بسيط تجدنا نهوي إلى بئر سحيق ، لم أكن أعرف بعد ماينتظرني، فقط كانت السعادة حينها كل ماأحس به. مضت عدة أيام كان إبني قد بدأ يأكل ،ويتكلم، ويبسم ،وكان قلبي يرفرف من الفرحة ، وفجأة ذات يوم مشئوم ساءت حالته ، لست أدري كيف ؟ ولماذا؟ وحتى الأطباء كانوا لا يعرفون ،_ لقد علمت فيما بعد أن هناك الكثير من الأشياء التي لايعرفها الأطباء ومن ضمنها "المشاعر الإنسانية"_ ،ولو أني حاولت أن أجد لهم عذرا في ذلك. أخذت أصوات الأجهزة تتعالى ، لست أدري ماحصل ، ولكن أليست هكذا هي الحياة ؟ تكون سعيدا مغتبطا لاهياً، وفجأة تحدث الكارثة بدون سابق إنذار ، وتتبخر الأحلام كأنها لم يكن لها وجود في هذا الوجود، عندما أخذت الأصوات تتعالى أخذت دقات قلبي تتعالى معها ، أخذ يدق بسرعة ، وبسرعة ،وبسرعة ،لم أستطع إيقافه وظننت الجميع يسمعون صوته. كانت هناك فترات يتوقف فيها قلبه وينعشونه ، لكت هذه المرة كانت مختلفة ، أحسست بها كذلك ، نادانا أحد الأطباء أنا وزوجي ، ليخبرنا ماأصاب إبني ، فالقانون الجديد يحتم عليهم ذلك ، نصف المصطلحات لاأفهم معناها ، ولكني فهمت تلك الصاعقة التي ألقاها ، إنه يخبرنا بأننا يمكننا أن نقرر بعدم إعادة جهاز التنفس الصناعي ونترك إبننا ليموت ويرتاح ! أن ترى إينك يموت أمامك ببطء شيء، وأن تحكم عليه أنت بذلك الموت شيء آخر ، إنه شيء مرعب أن يترك بيدك خيار موت أو حياة إنسان مهما كان قريبا منك ، أن تكون أنت من يختار وماأصعب الخيار ، إذ يلوح أمامك في تلك الساعة أنك أيضا قد تكون تمنحه الراحة الأبدية من المعاناة ، إذ أنني لم أخبركم أن هذا الطفل يعاني من مرض وراثي ويملك رئتين صغيرتين ، وإن عاجلا أم آجلا سيضيق بهما عظام قفصه الصدري الصغيرة ، وسيموت عندها ، ولكن أليس الموت هو قدر كل إنسان ، أليس الموت يتبعنا أينما ذهبنا ؟ أخذت أرتجف ولا أستطيع الكلام لا أريده أن يتعذب ولكني لاأريده أن يموت، لماذا الحياة قاسية ولماذا أنا ياربي بالذات من كتب عليه هذا العذاب؟ لقد فقدت طفلا منذ وقت قريب وهل سأفقد الآخر الآن ؟لماذا أنا ياربي ؟ يحيط بك الآخرون يحاولون التخفيف عنك ويقولون هو ابتلاء ولا يبتلي الله إلا الصالحين فتطمئن نفسي بأني أعتبر من الصالحين إذ أنني لم أكن شيطانا في يوم من الأيام ، ولكني أرى في نظرات البعض كلاما آخر إن عيونهم تخبرني أنه عقاب إلهي ، فأ ُتوه في دروب أحزاني وتتآكلني الوساوس وأتذكر أنني لم أكن ملاكاً أيضا. طافت بي كل تلك الشجون والطبيب ينتظر الجواب ، أشعر بفراغ كبير ، كبير جدا ، كنت أظن هذه الجملة مجرد جملة بلاغية تشبيهيه ، ولكن ذلك ماكنت أحسه بالفعل إنه فراغ كبير بالفعل ،كبيرٌ جدا جدا ، تحس بأنك تسبح في فضاء لامتناهي ، تحس بسواد حالك يغطي قلبك ، كأنك في غرفة يتهاوى جدرانها وأنت جالس متكور في أحد زواياها ، وذلك كان هو الحلم الذي أخذ يزورني كل ليلة . سمعت زوجي يرد على الطبيب بأن عليه أن يعيد إبني إلى جهاز التنفس الصناعي ، وأنه ماكان ينبغي عليه سؤالنا حتى ، فأجاب الطبيب إنه فقط يريد إراحتنا! هناك لحظات قد تفقد فيها إيمانك ، قد تحس فيها بأن القدر يظلمك ، وأنك وحيد في هذا العالم اللامتناهي ولكن كما فهمت فيما بعد ، بأن هناك عينا حارسة تحرسنا ، هناك يدا حنونة تضمنا، تمنحنا الأمل ، وتبعد الأحزان الآثمة عنا ، مهما تحاول البحث عنها في الأرض فلن تجدها بين البشر ، ولكن فقط جرب النظر إلى السماء . بمعجزة أدهشت الأطباء تعافى إبني فيما بعد ، وأخذ يتنفس لوحده ، وأخذ يسترجع عافيته ، صحيح أنه خرج من هذه التجربة القاسية برئتين بهما تليف ، وبأجهزة تساعده على التنفس بعض الأوقات ، ولكن الدرس الأقسى كن لي ، أن تؤمن أو لاتؤمن فذلك هو قدرك الذي لن تستطيع الفرار منه ، ولكن يكفي أن تحس بأنك لست وحيدا . | |
|
janna pice مديرة المنتدى
عدد الرسائل : 192 العمر : 29 البلد : maroc الوظيفة : tilmida المزاج : mzyan اعلام الدول : hg;!dt, : الهواية : تاريخ التسجيل : 20/06/2008
| موضوع: رد: إنه قدري....بقلمي السبت يناير 03, 2009 10:02 am | |
| | |
|
princess rasha مديرة المنتدى
عدد الرسائل : 31 العمر : 28 البلد : المغرب الوظيفة : طالبة المزاج : جيدة المزاج : اعلام الدول : hg;!dt, : الهواية : تاريخ التسجيل : 14/08/2010
| موضوع: رد: إنه قدري....بقلمي الثلاثاء أغسطس 17, 2010 9:46 am | |
| نعم يا سهيلة،مهما حاولنا فلن نفر من القدر،لكن الله موجود دائما بقرب كل إنسان. قصة مؤثرة جدا.جزاك الله خيرا على ما قدمت لهذا المندى من خير وعطاء. ننتظر جديدك. صديقتك المخلصة أسماء. :........:
| |
|